768 نزاع دولي حول الاستثمار منذ 1966 إلى 2020

جمال محمد غيطاس

منذ العام 1966 وحتي الآن، نشب بالعالم 768 نزاعا من نزاعات الاستثمار، تمت إدارتها والفصل فيها، إما بالأحكام والتعويضات أو التوفيق والتسويات التي يقبل بها طرفا النزاع، وتمثل وثائق هذه النزاعات، أكبر مظهر من مظاهر تسوية الخلافات، والمنازعات عبر التحكيم والتوفيق الدولي بين الأطراف المتنازعة، فما الذي يحمله هذا الرقم من تفاصيل؟

رقم الـ 768 نزاعا استثماريا دوليا، جاء ضمن آخر تقرير صادر عن المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، الذي تأسس في العام 1966، إثر إقرار معاهدة تسوية منازعات الاستثمار المعروفة باسم معاهدة «اكسايد»، والمختصة بالفصل في المنازعات بين الدول ومواطني وشركات ومؤسسات الدول الأخرى، وهي معاهدة متعددة الأطراف صاغها المديرون التنفيذيون للبنك الدولي لتعزيز هدف البنك في تعزيز الاستثمار الدولي، والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار مؤسسة مستقلة وغير مسيسة وفعالة لتسوية المنازعات. يساعد توافرها للمستثمرين والدول على تعزيز الاستثمار الدولي من خلال توفير الثقة في عملية تسوية المنازعات. ويقوم أيضا بالتحكيم الدولي في النزاعات الاستثمارية التي تنشأ بين الدولة والدولة بموجب معاهدات الاستثمار واتفاقيات التعاون الثنائية.
وعند الفصل في القضايا والنزاعات، يأخذ المركز في اعتباره الخصائص الخاصة لنزاعات الاستثمار المطروحة والأطراف المعنية ، مع الحفاظ على توازن دقيق بين مصالح المستثمرين والدول المضيفة، ويتم النظر في كل قضية من قبل لجنة التوفيق المستقلة أو هيئة التحكيم ، بعد الاستماع إلى الأدلة والحجج القانونية من الأطراف. يتم تعيين فريق حالة مخصص لكل نزاع، ويقدم مساعدة الخبراء طوال العملية.
بمراجعة أرقام التقرير، وكذلك آخر البيانات التفصيلية، المسجلة على قاعدة بيانات المركز المنشورة عبر موقعه على الانترنت، تبين أنه مند توقيع معاهدة المركز في العام 1966، وحتي العام 1996، كان اللجوء للمركز من اجل فض المنازعات الدولية الاستثمارية ضعيفا، فخلال هذه السنوات التي غطت النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، وعقد السبعينيات والثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات، تراوح عدد المنازعات المنظورة أمام المركز بين صفر و 4 نزاعات، بمتوسط عام قدره قضيتين في العام.
بدءا من العام 1997 تغير الوضع نسبيا، حيث أصبح الحد الأدني للنزاعات التي ينظرها المركز في العام هو عشرة نزاعات، وخلال العقد التالي 1997 ـ 2007، تضاعف عدد النزاعات وتراوح بين 10 في العام 1977، و37 نزاعا في العام 2007، بمتوسط عام قدره 20 قضية في العام، ما يعني أن متوسط عام عدد النزاعات الاستثمارية خلال العقد المشار إليه، قد تضاعف بمقدار عشرة اضعاف مقارنة بالفترة من 1966 الي 1996.
في العقد التالي من 2008 الي 2018، تراوح عدد النزاعات الدولية الاستثمارية بين 21 و56 نزاعا في العام، بمتوسط عام قدره 41 نزاعا في العام، ما يعني أن المتوسط العام لعدد النزاعات الدولية الاستثمارية قد ارتفع بمقدار 100% خلال هذا العقد مقارنة بالعقد السابق عليه 2007ـ 2017، ويلاحظ من البيانات السنوية لعدد النزاعات، أن العام 2018 كان هو عام الذروة في عدد النزاعات على الاطلاق، منذ عام 1966، حيث بلغ عدد النزاعات 56 نزاعا.
خلال العامين الأخيرين، 2019 و2020، عاد عدد النزاعات الي الانخفاض مجددا، حيث هبط من 56 نزاعا في 2018، إلي 39 نزاعا في 2019، ثم واصل الهبوط خلال العام الحالي، ليصل الي 23 نزاعات فقط خلال الفترة من يناير الي أغسطس، وهو مستوي يتقارب مع كان سائدا في سنوات 2000 و2005 و2008.
ومن حيث المآلات التي انتهت إليها النزاعات، نجد أن عدد النزاعات التي نظرت او لا تزال منظورة أمام المركز 768 نزاعا، جري تداول 689 نزاعا تمثل 89.7% من اجمالي النزاعات طبقا لاتفاقية تسوية منازعات الاستثمار الخاصة بالمركز، وانتهت بصدور احكام وتعويضات، لصالح طرف ضد آخر.
وهناك عشرة نزاعات تمثل %0.3، انتهت بحلول توافقية بين الطرفين المتنازعين، و67 نزاعا تمثل %8.7، تم الفصل فيها طبقا لنصوص اتفاقية تسوية المنازعات، بالإضافة لبعض البنود والنصوص من معاهدات وقوانين اخري، رأت هيئات التحكيم الاستعانة بها، وقبلت الأطراف المتنازعة بذلك. ونزاعين تم انهاؤهما بالتوافق بين الأطراق المتنازعة، وجري الاستناد فيهما الي نصوص ومواد إضافية من خارج اتفاقية تسوية المنازعات الخاصة بالمركز.
وبالنسبة للتوزيع الجغرافي، تعتبر منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطي، أكبر مناطق العالم التي تشهد نزاعات استثمارية، حيث يقع بها %26 من هذه النزاعات، تليها أمريكا الجنوبية التي تقع بها %23 من النزاعات، ثم دول افريقيا جنوب الصحراء الكبرى %15 والشرق الأوسط وشمال افريقيا %11، وأوروبا الغربية %8، وجنوب وشرق آسيا والمحيط الهادي %7 وأمريكا الوسطي ومنطقة البحر الكاريبي %6، وأمريكا الشمالية « كندا والمكسيك والولايات المتحدة %4.
وعند النظر إلي نصيب كل دولة حول العالم من الدعاوي المرفوعة ضدها في هده النزاعات، نجد أن القائمة تضم 171 دولة حول العالم، وعند ترتيب القائمة تنازليا، واستعراض الدول العشر الأولي في القائمة، سنجد الارجنتين تأتي في المرتبة الأولي، من حيث الدعاوي المرفوعة ضدها، بنصيب 56 دعوي، تمثل %6.91 من الإجمالي العالمي، تليها فنزويلا في المركز الثاني بنصيب 48 دعوي مرفوعة ضدها تمثل %5.92، واسبانيا في المركز الثالث بواقع 38 دعوي تمثل %4.69، ومصر في المركز الرابع بواقع 33 دعوي، تمثل %4.07، والمكسيك في المرتبة الخامسة بواقع 29 دعوي تمثل %3.38، وبيرو في المرتبة السادسة بواقع 27 دعوي، تمثل %3.33 ، ورومانيا في المرتبة السابعة بواقع 18 دعوي تمثل %2.22، وكولومبيا في المرتبة الثامنة بواقع 15 دعوي تثمل %1.85، وأوكرانيا في المرتبة التاسعة بواقع 15 دعوي، بنسبة %1.85، وكازخستان في المرتبة العاشرة بواقع 14 دعوي تمثل %1.6، ويصل نصيب هده الدول مجتمعة الي 279 دعوي، يمثلون %34.4 من الإجمالي، وبعد ذلك تأتي ثلاثة عشر دولة، يتراوح نصيبها من الدعاوي المرفوعة ضدها بين 13 و10 دعاوي، ثم 148 دولة يتراوح عدد الدعاوي المرفوعة ضدها بين 1 و9 دعاوي.
وبالنسبة لتوزيع النزاعات على القطاعات الاقتصادية المختلفة، يأتي قطاع النفط والغاز والتخزين في المرتبة الأولي من حيث النزاعات، بنصيب %24 من النزاعات الدولية، ثم يليه قطاع الطاقة الكهربائية واشكال الطاقة الأخرى %17، والصناعات الأخرى %12، وقطاع النقل %9، واعمال البناء 9%، والمالية %8، وتقنية المعلومات والاتصالات %6، والمياه والصرف والبنية التحتية %4، والزراعة والصيد والغابات 4$، والسياحة %4، والخدمات والتجارة %3.