أصبحت المدن أكثر قوة من الناحية التكنولوجية ومن أجل اقتناص الفرص وتحقيق النجاح على المدى الطويل، يجب أن تصبح أكثر ذكاء وتتحول إلى مدن ذكية، لكن الخطر عليها يكمن في تجاهل المدن التي تتخذ هذه الخطوة عاملا مهما للتطور الناجح، وهو أن يكون لديها بنية تحتية مؤمنة في مجال الأمن السيبراني، ففي حين أن هذه المدن تعتمد على تكنولوجيا مستخدمة لتشغيلها بناء على الإنترنت، ما يجعلها هدفا مغريا للمهاجمين ولذلك يتعين على قادة المدن الذكية النظر في تأثير وقدرات هؤلاء المجرمين الإلكترونيين ووضع البروتوكولات الصحيحة، وتعد المدن الذكية اليوم أكثر عرضة للهجمات الكبيرة، وهذه مخاطرة حالية وحقيقية للغاية. كلما زادت التكنولوجيا التي تستخدمها مدينة ما أصبحت أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية، ما يجعل أذكى المدن أهدافا مثالية.
وبحسب تقرير Research and Markets، فمن المتوقع أن تنمو سوق المدن الذكية العالمية من 457 مليار دولار في 2021 إلى 873.7 مليار دولار بحلول 2026، بمعدل نمو سنوي مركب CAGR يبلغ 13.8 في المائة في حين من المتوقع أن تحقق المدن الذكية 20 تريليون دولار من الفوائد الاقتصادية بحلول 2026، لكن حدوث الهجمات على خدمات المدينة والبنية التحتية هي ببساطة مسألة وقت وقد يحدث ذلك في أي لحظة لهذا السبب يجب على المدن الذكية اتخاذ إجراءات فورية لتحسين أمنها وحماية أنفسها من هذه الهجمات الإلكترونية.
وتعرف المدينة الذكية بأنها المدينة التي تحقق الاستخدام الأمثل لجميع المعلومات المترابطة المتاحة اليوم لفهم عملياتها والتحكم فيها بشكل أفضل وتحسين استخدام الموارد المحدودة، في حين تستخدم هذه المدن إنترنت الأشياء جنبا إلى جنب مع مجموعة من البرامج وواجهات المستخدم وشبكات الاتصال لتوفير حلول متصلة لعامة الأفراد، ولكن هذا التقدم قد يصاحبه بعض الثغرات مثل هجمات الحرمان من الخدمة وقرصنة الأجهزة، وبرامج الفدية، وهجوم الوسيط.
وفي حديث لـ”الاقتصادية” قال رامي مشعال، المدير الإقليمي في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا الشرق لدى “تانيوم” حول ماهية الأجهزة المرتبطة بالإنترنت للمدن الذكية التي تعد هدفا رئيسا للهجمات الإلكترونية، إن هناك أسبابا عديدة تقف وراء الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المدن الذكية، منها التهديدات النابعة عن دوافع مالية مثل برامج وفيروسات الفدية، أو الهجمات المدعومة من قبل جهات ودول محددة، وتهدف إلى تعطيل أعمال الضحايا، وأصبحت التقنيات الذكية الحضرية أكثر انتشارا، وباتت تحظى بقبول واسع من قبل المجتمعات الحديث، ونظرا إلى التطور والترابط الكبير الذي باتت تمتاز به المدن الحديثة، فإن التهديدات الإلكترونية التي تستهدفها تشهد مزيدا من التطور والتعقيد، وفي حال عدم إدارة هذه المدن بالشكل الصحيح، فإنها ستفتح الباب واسعا لشن عديد من الهجمات الإلكترونية، فكلما تطورات وانتشرت تقنيات المدن الذكية، سيكون هناك ارتفاع في وتيرة الهجمات الإلكترونية التي تستهدفها.
وتابع، “من حيث التحسينات التي يمكن القيام بها لتنمية هذا القطاع، وضمان نجاح المشاريع الكبرى في المملكة، من المهم أن ندرك أولا التأثير المحتمل للهجوم الإلكتروني الناجح في البنية التحتية للمدينة الذكية إذا ما أردنا أن أخذ هذه المشكلة على محمل الجد. ويجب تعزيز الوعي والمعرفة حول مخاطر الهجمات الإلكترونية، وتثقيف الموظفين والجمهور حول أفضل الطرق والأساليب التي تحد من الآثار السلبية للهجمات الإلكترونية المختلفة، وبعد ذلك يتعين علينا مراجعة الأنظمة القديمة وإدارتها بالشكل الأمثل، نظرا إلى ما يمكن أن تمثله من تهديد على البنية التحتية الحيوية جراء الكشف عن نقاط الضعف التي يمكن استغلالها لشن الهجمات الإلكترونية، وتحتاج المشاريع الكبرى في المملكة لأن تعتمد نهجا استباقيا عندما يتعلق الأمر باستراتيجية الأمن الإلكتروني الخاصة بها، وذلك من أجل التخفيف من الأضرار المكلفة التي يمكن أن تنجم عن الهجمات الإلكترونية، ويمكن القيام بذلك من خلال التركيز بشكل أكبر على الرؤية داخل الشبكة من حيث الأجهزة المختلفة المتصلة بها، ما يسهل الكشف عن أي تهديدات محتملة أو مشكلات أخرى مثل الأجهزة غير المحدثة.
من جانبها قالت سيمونة فرناتشيا، شريك الخدمات الرقمية والأمن السيبراني والمرونة والبنية التحتية في “بي دبليو سي” الشرق الأوسط، “وفقا لنتائج استطلاع بي دبليو سي رؤى الثقة الرقمية العالمية 2022 لمنطقة الشرق الأوسط، الذي يبحث المشهد السيبراني الراهن في المنطقة والتحديات التي تواجه المؤسسات والفرص المتاحة لها لتبسيط الأمن السيبراني وتحسينه في المستقبل، فإن المؤسسات تواجه هجمات أكثر تعقيدا تستهدف نقاط ضعف النظم والشبكات، وفي ضوء النتائج التي توصل إليها الاستطلاع، أصبحت المؤسسات على دراية كبيرة بالضرورة الملحة لتطوير استراتيجياتها حيثما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني. ونعتقد أن المؤسسات في المملكة تتخذ التدابير السليمة لتأمين نفسها ضد الهجمات السيبرانية من خلال تركيز جهودها على التحولات السيبرانية الكبرى التي تقدم استراتيجيات واضحة لإدارة المخاطر السيبرانية ومراكز عمليات أمنية قوية، وتطور قدرات إدارة أكثر يسرا في الوصول إليها إلى جانب ما تقدمه من حلول. ويعد تتبع الأصول، أو التعيين الآمن للأصول الرقمية والمادية للمؤسسة، مجالا جديدا من المجالات التي تحظى بالأولوية لدى المؤسسات في المملكة أيضا، على الصعيدين الداخلي والخارجي”.
وتابعت، “تتسم المؤسسات في المملكة أيضا بدرجة عالية من الانفتاح على تبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالتهديدات الإلكترونية واستخدامها، إضافة إلى تركيزها الكبير على تدريب مسؤولي الأمن لديها لاتخاذ إجراءات سريعة، ما جعلها تتحلى بدرجة كافية من المرونة تمكنها من اكتشاف أي هجوم سيبراني محتمل ومواجهته في الوقت المناسب، وإشارة إلى آخر استطلاع للرؤساء التنفيذيين أجرته بي دبليو سي، ينظر الرؤساء التنفيذيون في المنطقة إلى المخاطر السيبرانية على أنها بمنزلة تهديد رئيس، حيث أفاد 57 في المائة منهم بأن المخاطر السيبرانية سيكون لها تأثير سلبي في مؤسساتهم في العام المقبل، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 49 في المائة”..
المصدر: الاقتصادية
