كان وما زال الإنترنت المظلم أو Dark Web يعد من أكثر المصطلحات التي سمعها المستخدمون خلال الفترة الأخيرة، ويجهل عديد من المستخدمين ماهيتها، حيث يصنفها البعض على أنها متجر إلكتروني لبيع الممنوعات والعناصر غير الشرعية، في حين يرى البعض الآخر أنها شبكة مختصة لاستئجار مجرمي الإنترنت للقيام بتطوير فيروسات وشن هجمات إلكترونية.
وبحسب تحليل شركة الأمن نورد في بي إن، فإن إحدى أسواق الويب المظلم باعت حتى يومنا هذا أكثر من 720 ألف عنصر وقطعة من البيانات بشكل غير قانوني مقابل 17.3 مليون دولار، وأظهر البحث أن بيانات بطاقات الدفع السعودية هي واحدة من أغلى البيانات في العالم، حيث تبلغ تكلفتها ضعف المتوسط العالمي، وذلك لصعوبة الوصول إليها، ومن بين العناصر التي تم العثور عليها عالميا، جوازات السفر وبطاقات تعريف الشخصية ورخص القيادة والبريد الإلكتروني وبيانات بطاقات الدفع وأرقام الهواتف المحمولة والحسابات عبر الإنترنت، وتسجيلات الحساب المصرفي وحسابات العملات المشفرة، إضافة إلى البيانات الشخصية الأخرى.
وفي حديث لـ”الاقتصادية” قال خبير أمن المعلومات محمد السريعي، إن الإنترنت المظلم أو ما يعرف بـDark Web، هو عبارة عن مواقع وشبكات مشفرة بطريقة معقدة للغاية، تهدف إلى إخفائها عن مستخدم الإنترنت العادي، ويعد الإنترنت المظلم سوقا سوداء ضخمة تضم عديدا من الممنوعات التي تباع وتشترى من خلالها، إضافة إلى مواقع خاصة بالقرصنة والبرمجيات، والنقود المزيفة، ويمثل أرضا خفية وخصبة وتجمعا لمجرمي الإنترنت.
وتابع، “تميزت شبكات الإنترنت المظلم بأنها لا يمكن الوصول إليها بمتصفحات الإنترنت العادية، وتحتاج لتصل إليها إلى متصفحات خاصة، ويمكن من خلال الإنترنت المظلم القيام بعدد كبير من العمليات غير المشروعة، مثل شراء أرقام بطاقات الائتمان، وتداول الممنوعات والبيع غير المشروع وتداول برامج القرصنة والفيروسات، حتى إنها توفر متاجر لشراء أسماء مستخدمين وكلمات مرورهم المخترقة”.
وحذر السريعي المستخدمين من محاولة الوصول إلى أحد هذه المواقع التي لا تعد آمنة وتملك أثرا عكسيا على المستخدمين وقد تعصف بأمن معلوماتهم وتنتهك خصوصياتهم دون علمهم.
وأشار التحليل إلى أن هذه السوق ليست سوى مجرد غيض من فيض، حيث يوجد أكثر من 30 ألف موقع على الويب المظلم في الوقت الحالي، وأن 4 في المائة فقط من الإنترنت بأكمله ينتمي إلى الويب السطحي المتاح لأي مستخدم عبر الإنترنت، ويبلغ متوسط تكلفة بيانات بطاقة الدفع على مستوى العالم نحو عشرة دولارات، كما يتم بيع البيانات الأخرى التي يمكن تخمينها بأسعار أقل بكثير، حيث تباع أرقام الهواتف المحمولة بالقيمة ذاتها وهناك طريقة أخرى سهلة للقراصنة لسرقة بيانات المستخدم أو الأصول الرقمية، وهي حشو بيانات الاعتماد وذلك عند استخدام كلمة المرور أو البريد الإلكتروني المسربين للوصول إلى المنصات الأخرى.
ويشتري بعض مجرمي الإنترنت أيضا حسابات البريد الإلكتروني بكميات ويستخدمونها في هجمات التصيد الاحتيالي أو لأغراض ضارة أخرى، فقد لاحظ الباحثون أنه يمكن تصنيف البريد الإلكتروني في ثلاثة أنواع وهي حسابات البريد الإلكتروني الشخصية بمتوسط سعر يقارب 16 دولارا، وحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل بمتوسط سعر يتجاوز عشرة دولارات، وحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالناخبين متوسط سعر إجمالي يبلغ 14 دولارا.
ويظهر النطاق الواسع للبيانات المعروضة في هذه الأسواق الإجرامية أهمية تولي مسؤولية أمن وخصوصية المستخدم على الإنترنت، لذلك يجب كنقطة بداية أن يجعل المستخدم المواقع والخدمات تكسب ثقته، حيث يحصل القراصنة على كثير من البيانات عن طريق استهداف مواقع الويب والخدمات التي يشارك المستخدم بياناته معها، ولا يمكن تأمين الخوادم التي تخزن بيانات المستخدم بشكل شخصي، لكن يمكن للمستخدم أن يكون أكثر حرصا بشأن اختياراته للخدمات التي يثق بها، إلى جانب أهمية جعل أمن بياناته أولوية، وإذا طلب منه موقع أو خدمة بيانات حساسة، فيجب عليه القيام بطرح أسئلة صعبة حول كيفية تأمين الشركة لها وماذا ستفعل إذا تم اختراق بياناتها.
كما يجب على المستخدم تثقيف نفسه، حيث يمكنه القيام بالكثير بشكل فردي لحماية بياناته، وسيعتمد ذلك بشكل كبير على المكان الذي يقضي فيه وقته على الإنترنت، لكن يمكنه أن يكون استباقيا ويبحث عن طرق للبقاء آمنا على الأجهزة والخدمات التي يستخدمها، إلى جانب أهمية أن يكون المستخدم يقظا، فأحد وجهي العملة هو معرفة كيفية حماية المستخدم لبياناته، والوجه الآخر هو معرفة كيفية التصرف بسرعة وفاعلية عند استخدام بياناته الحساسة دون إذنه.
ومن المهم على المستخدمين مراقبة حساباتهم، حيث يجب على المستخدم طلب كشوف حسابات بنكية أسبوعية أو القيام بتنشيط إشعارات المعاملات على تطبيقاته، والقيام بتشغيل إعدادات الأمان لجميع حساباته حتى يعرف متى يتم إجراء محاولات تسجيل الدخول من الأجهزة المشبوهة، والاستفادة من الأدوات التي توفرها المواقع أو الخدمات التي يستخدمها.
المصدر: الاقتصادية