1.57 مليار طالبا .. تحت المطرقة

عماد سالم

ما زالت تداعيات كوفيد-19 تتوالى محلياً وإقليمياً وعالمياً، ولا شك أن التعليم من أهم المجالات تأثراً به، في ظل وجود أكثر من مليار ونصف المليار طالب حول العالم بين تعليم عام وجامعي تأثروا بتعليق الدراسة، حيث قامت دول كثر في جميع أنحاء العالم بإغلاق المدارس والجامعات، سعياً منها إلى الحدّ من هذه الجائحة. ولا شك أن الحجر الصحي المنزلي الإلزامي لعدة أشهر سيخل بالتعليم في معظم بلدان العالم، خصوصاً في ظل غياب استراتيجية مدروسة وفاعلة لحماية فرص التعلم خلال هذه الفترة، فإن هذا الوباء سيسبب خسائر فادحة في التعلم بالنسبة للطلاب.

الدول التي قامت بإغلاق المدارس والجامعات بشكل كامل أو بشكل جزئي

وقامت العديد من الدول التي أغلقت المدارس والجامعات باستحداث وسائل بديلة للتعليم، محاولة منهم لاستمرار التعليم خلال إغلاق المدراس والجامعات بشكل أو بآخر، وتراوحت وسائل التعليم عن بعد في دول العالم بين 3 بدائل: إما قناة تلفزيونية تعليمية، أو قناة إذاعية تعليمية، أو التعليم الإلكتروني، ويشمل التعليم الإلكتروني أية مادة تعليمية يتطلب الوصول إليها استخدام شبكة الإنترنت، ولها صورة متعددة من أهمها: منصة إلكترونية تفاعلية، فيديوهات عبر اليوتيوب، كتب إلكترونية.

وباستطلاع بيانات وأرقام كثير من دول العالم تبين أن:

  • الوسيلة الأهم من وسائل التعليم عن بعد والأكثر استخداماً وفاعلية على مستوى العالم هي التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت، حيث تكررت 118 مرة من مجموع 149 دولة حول العالم، ومثلت 79%.
  • تم استخدام التلفاز 51 مرة، ثم الإذاعة 24 مرة، ومثلت 21%.
  • يتضح أن تركيز استخدام التلفاز كان في أفريقيا (20 دولة)، ثم أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (11 دولة).
  • كما تركز استخدام الإذاعة في أفريقيا (17 دولة) من مجموع (24 دولة).
  • يعكس استخدام التلفاز والإذاعة عدم توافر الاتصال بالإنترنت في هذه الدول بشكل كبير، أو عدم وجود البنية التحتية المهيئة لاستخدام التعليم الإلكتروني والإنترنت في هذه الدول.
  • يعكس استخدام الإذاعة في بعض الدول، فقر هذه الدول الشديد، الذي أدى إلى حتى عدم إمكانية توفير قنوات تلفزيونية، أو عدم إمكانية توفير جهاز تلفاز لدى الطلاب.
  • 95% من الدول العربية تستخدم التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت، حيث لا يوجد غير دولة عربية واحدة لا توفر وسائل تعليم إلكتروني، وهي العراق، وذلك نظراً لما تمر به من اضطرابات أمنية وسياسية، كما تبين أن الاعتماد الأساسي في الدول العربية على التعليم الإلكتروني، غير أن بعض هذه الدول تستخدم القنوات التلفزيونية جنباً إلى جنب مع التعليم الإلكتروني كبديل لمن لا يتوفر لديه إمكانية الاتصال بالإنترنت، مثل مصر، ليبيا، عمان، السعودية، سوريا.

ولا شك أن إغلاق المدارس والجامعات الذي نُفِّذ على نطاق واسع على مستوى العالم من أجل احتواء جائحة كوفيد-19 ينطوي على أخطار غير مسبوقة، حذرت منه العديد من المنظمات الدولية، على رأسها اليونسكو واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي[1]، من بين هذه الآثار:

  • تفاقم الهوة في عدم المساواة في التعلّم، وبين مستويات الطلاب التعليمية.
  • حسب برنامج الغذاء العالمي فإن البلدان الأشد فقراً، يعتمد الأطفال في أغلب الأحيان على تواجدهم في المدارس للحصول على وجبتهم اليومية الوحيدة. وإذ نشهد اليوم إغلاق العديد من المدارس، فقد حُرم 370 مليون طفل من فرصة الحصول على الوجبات الصحية التي تُعدّ بمثابة شريان الحياة بالنسبة للأُسر الفقيرة.
  • حرمان الأطفال من الدعم الغذائي والصحي الذي تقدمه لهم المدرسة، وقد يلحق بالأطفال إثر ذلك أضرار صحية دائمة.
  • ارتفاع نسبة التسرب التعليمي.
  • عدم المساواة في إمكانية الانتفاع بفرص التعلّم الإلكتروني.
  • العزلة الاجتماعية للطلاب، وما يترتب عليها من آثار سلبية نفسية وصحية.

ما سبق بعض الأسباب التي تجعل من إغلاق المدارس أمراً مضراً للغاية، ويوضح مدى تأثير إغلاق المدارس في حياتنا جميعاً. وأصبح من الضروري إعطاء الأولوية للبتّ في موعد وآلية إعادة فتح المدارس بالرغم من أنّ ذلك ليس بالقرار السهل، وبالفعل بدأت بعض الدول في توجهات نحو إعادة فتح المدارس والجامعات، فيما قامت دول فعلياً بفتح المدارس والجامعات بشكل آمن.

كما أصدرت العديد من المنظمات الدولية على رأسها اليونسكو واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي بتاريخ 30/4/2020م سلسلة من الإرشادات التوجيهية بشأن إعادة فتح المدارس بشكل آمن، كان من أهمها:

  • إعادة دمج الطلاب في بيئة مدرسيّة آمنة وبطرق تتيح ازدهار التعلم من جديد.
  • مد أولياء الأمور بإرشادات مفصّلة وشاملة لتيسير عملية إعادة فتح المدارس للطلاب والمعلّمين والأُسر.
  • إيلاء تركيز خاص إلى الفئات التي تكبّدت القسم الأكبر من الخسائر التعليمية.
  • العودة إلى الوضع الطبيعي بروح جديدة تتطلب منا قدراً أكبر من الفعالية والإنصاف.
  • تهيئة المدارس لوجستياً.

مركز جسور للدراسات والاستشارات الثقافية والتنموية هو مركز يستهدف تقديم الاستشارات والدراسات في مجالات التعليم وسوق العمل والثقافة والقانون والإعلام واقتصادات المعرفة بوجه عام، وليس للمركز أي أنشطة أو أهداف أو اهتمامات سياسية أو حقوقية.